قد يصل الحال بالحب الخاطئ الخارج عن الحد الطبيعي والأوامر الإسلامية , النابع من وحي الهوى والنفس الأمارة
بالسوء الغالب على بصائر العقل البشري أن يصل بامرأة تأمر أمها أن تدعو أبنها أن يطأها ............
بداية اكتشاف الحقيقة هي رؤية لرجل كان ينزل بقرب مقابر الخيزران ببغداد , قال : رأيت في منامي كأني قد اطلعت
من داري إلى المقبرة , فإذا أنا بالقبور مفتحة , وأهلها يخرجون منها شعثاً غبراً حفاة عراة , فيجتمعون في موضع
منها حتى لم يبق قبر إلا خرج من كان فيه , ثم ضجوا بالبكاء والدعاء والابتهال إلى الله تعالى أن يصرف عنهم دفن
المرأة التي تدفن عندهم في غد فكأني قد سألت بعضهم , فقال: هذه امرأة من أهل النار , وإن دفنت عندنا تأذينا
بسماع عذابها ومايجري عليها , فنحن نسأل الله صرف دفنها عنا..
قال : فانتبهت فعجبت من هذا عجباً شديداً , وطال الليل بي , فلما أصبحت سألت الحافرين : هل حفروا قبراً لامرأة ؟
فدلني بعضهم على قبة عظيمة لقوم من التجار مياسير , قد ماتت زوجة أحدهم , ويريد دفنها في القبر , وقد حفر لها .
قال : فقصصت الرؤيا على الحافرين , فطموا القبر في الحال .
فجاء رسل القوم يسألون عن القبر , فقال الحافرون : إن الموضع ليس يتأنى فيه قبر لأنا قد وقعنا على حمأة تحت
الأرض لا يثبت فيها ميت , فسألوا جماعة أخرى أن يحفروا عندهم , فأبو عليهم, وكان الخبر قد انتشر بين الحافرين ,
فمضوا إلى مقبرة أخرى فحفروا للمرأة , فاستدللت على الموضع الذي تخرج منه الجنازة , فدللت وحضرت وشيعت
الجنازة , وكان الجمع عظيماً هائلاّ ,
ورأيت خلف الجنازة فتى ملتحياً حسن الوجه , ذكر انه ابن المرأة وهو يعزي وأبوه وهما يتوقدان من شدة المصيبة .
فلما دفنت المرأة تقدمت إليهما فقلت : إني رأيت في منامي أمر هذه المتوفاة , فإن أحببتم قصصتها عليكما ؟ فقال
الزوج أما أنا فما أحب ذلك , فأقبل الفتى فقال : إن رأيت أن تفعل . فقلت تخلو معي فقام فقلت : إن الرؤيا عظيمة
فأحتملني قال : قل :
فقصصت عليه الرؤيا , وقلت : يجب عليك أن تنظر في هذا الأمر الذي أوجب من الله تعالى لهذه المرأة ما ذكرته لك ,
فتجنب مثله وإن جاز أن تعرفنيه لأجتنب مثله فأفعل . فقال والله يا أخي ما اعرف من حال أمي ما يوجب هذا, أكثر من
إن أمي كانت تشرب النبيذ وتسمع الغناء وترمي النساء
ولكن في دارنا عجوز لها نحو تسعين سنة دايتها وماشطتها فعلها تخبرنا بما يوجب هذا فنجتنبه
فقمت معه فقصدنا الدار التي كانت للمتوفاة فأدخلني إلى غرفة فيها , وإذا بعجوز فانية , فخاطبها بما جرى
وقصصت أنا عليها الرؤيا , فقالت أسأل الله أن يغفر لها , كانت مسرفة على نفسها جداً . فقال لها الفتى يا أمي ,
بأكثر من الشراب والسماع والنساء ؟ فقالت : نعم يابني , ولولا أخشى لأخبرتك بما أعلم . إن هذا الذي رآه الرجل
قليل من كثير ما أخاف عليها من العذاب , فقال الفتى أحب أن تخبريني . ورفقت أنا بالعجوز فقلت أخبرينا لنتجنبه
ونتعظ به
فقالت إن أخبرتكم بجميع ما اعرفه منها , ومن نفسي معها طال .
فبكت وقالت : أما أنا فقد علم الله أني تائبة منذ سنين , وقد كنت ارجوا لها التوبة فما فعلت , ولكن أخبركم بثلاثة
أحوال من أفعالها , وهي عندي أعظم ذنوبها .
كانت من أشد الناس زنا , وماكان يمضي يوم إلا وتدخل إلى دار أبيك بغير علمه من الرجل والرجلين فيطئونها
ويخرجون , ويكون دخولهم بألوان كثيرة من الحيل وأبوك في سوقه , فلما نشأت أنت وبلغت مبلغ الرجال خرجت في
نهاية الملاحة , فكنت أراها تنظر إليك نظرة شهوة , فأعجب من ذلك , إلى أن قالت لي يوماً : يا أمي قد غلب علي
عشق ابني هذا لا بد لي أن يطأني , فقلت لها يا ابنتي اتقي الله ولك في الرجال غيره متسع , فقالت لابد من ذلك ,
فقلت : كيف يكون هذا أو كيف يجيبك وهو صبي وتفتضحين ولا تصلين إلى بغيتك , فدعي هذا لله عز وجل . فقالت
لابد أن تساعديني, فقلت أعمل ماذا ؟؟ فقالت تمضين آلي فلان المعلم , وكان معلماً في جوارنا أديباً وعمله أن يكتب
لها رقاعاً إلى عشاقها ويجيب عنها فتبره وتعطيه في كل وقت , فقالت قولي له أن يكتب إليه رقعة يذكر فيها عشقاً
وشغفاً ووجداً , ويسأله الإجماع , واوصلي الرقعة كأنها من فلانة وذكرت صبية مليحة من الجيران . قالت العجوز
ففعلت ذلك فأخذت الرقعة وجئتك بها , فلما سمعت ذكر الصبية التهب قلبك ناراً وأجبت عن الرقعة تسألها الإجماع
عندها , وتذكر انه لاموضع لك , فسلمت الجواب إلى والدتك , فقالت اكتبي إليه إن الصبية لاموضع لها , وان سبيل هذا
يكون عنده ، فإذا قال لك ليس لي موضع فأعدي له الغرفة الفلانية وافرشيها واجعلي فيها الطيب والفاكهة , وقولي
له أنها صبية وتستحي , ولكن عشقك قد غلب عليها وهي تجيئك آلي هاهنا ليلاً ولا يكون بين ايديكما ضوء , حتى لا
تستحي هي ولاتفطن والدتك بالحديث ولا أبوك , إذا رؤا في الغرفة ضوء سراج , فإذا أجابك هذا فأعلميني .
ففعلت وتقرر الوعد ليلة بعينها ,وأعلمتها فلبست ثياباً , وتبخرت وتطيبت وتعطرت , وصعدت إلى الغرفة , وجئت أنت
وعندك أن الصبية هناك , فوقعت عليها وجامعتها إلى الغداة , فلما كان وقت النهار جئت أنا وايقضتك وأنزلتك وأنت
نائم , وكان صعودها إليك بعد أن نام أبوك , فبعد أيام قالت لي : أمي قد والله حبلت من ابني , فكيف الحيلة فقلت لا
ادري , فقالت أنا ادري . ثم كانت تجتمع معك على سبيل الحيلة إلى أن قاربت الولادة . فقالت لأبوك إنها عليلة وقد
خافت على نفسها التلف , وإنها تريد الذهاب لأمها لتتعلل هناك , فأذن لها ومضت , وقالت لأمها إنها عليلة فأدخلت
وأنا معها بحجرة وجئنا بقابلة , فلما ولدت قتلت ولدها , وأخذته ودفنته على حيلة وستر , وأقامت أياما وعادت إلى
منزلها , وبعد أيام قالت لي أريد ابني , فقلت ويحك ماكافاك ما مضى ؟ فقالت لابد , فجئتك على تلك الحيلة بعينها ,
فقالت لي من غد قد والله حبلت , وهذا والله سبب موتي وفضيحتي , وأقامت تجتمع معك على سبيل الحيلة إلى أن
قاربت الولادة , فمضت آلي أمها وعملت كما عملت , فولدت بنتاً مليحة فلم تطب نفسها بقتلها وأخذتها أنا منها ليلاً ,
فأخرجتها إلى قوم ضعفاء لهم مولود , فسلمتها إليهم وأعطيتهم من مال أبوك دراهم كثيرة ووافقتهم على إرضاعها
والقيام بها , وأن أعطيهم في كل شهر أجرهم , وكانت تنفذه إليهم في كل شهر وتعطيهم ضعفه , حتى تدلل الصبية
وتوفد إليها الثياب الناعمة , فنشأت في دلال ونعمة , وهي تراها في كل يوم إذا اشتاقت إليها , وخطب أبوك لك من
النساء , فتزوجت بزوجتك الفلانية . فانقطع ما بينك وبين أمك وهي من أشد الناس عشقاً لك وغيرة عليك من امرأتك
ولا حيلة لها فيك .
حتى بلغت الصبية تسع سنين , فأضهرت أنها مملوكة قد ظهرت ونقلتها إلى دراها لتراها كل وقت لشدة محبتها لها ,
والصبية لاتعلم إنها ابنتها , وسمتها باسم المماليك, ونشأت ت الصبية من أحسن الناس وجهاً , فعلمتها الغناء بالعود
فبرعت فيه , وبلغت مبلغ النساء , فقالت لي يوماً : يا أمي ترين شغفي بابنتي هذه وأنه لا يعلم أنها ابنتي غيرك ,
ولا أقدر على إظهار أمرها, وقد بلغت حداً إن لم أعلقها برجل خفت أن تخرج عن يدي , وتلتمس الرجال وتلتمس البيع
وتظن إنها مملوكة , وإن منعتها تنكد عيشها وعيشي ,وإن بعتها وفارقتها تلفت نفسي عليها , وقد فكرت في أن
اصلها بابني , فقلت يا هذه أتقي الله يكفيك ما مضى فقالت لابد من ذلك , فقلت وكيف يتم هذا الأمر ؟؟ قالت أمضي
واكتبي رقعة وتذكرين فيها عشقاً وغراماً , وامضي بها إلى زوجة ابني , وقولي أنها من فلان الجندي جارنا ,
وذكرت لها غلاماً بلغ غاية الحسن والجمال , قد كانت تعشقه ويعشقها , وأرفقي بها واحتالي حتى تأخذي جوابها
إليه , ففعلت فلحقني من زوجك امتهان وطرد واستخفاف , فترددت إليها آلي أن در متنها , فقرأت الرقعة وأجابت
عنها بخطها , وجئت بالجواب إلى أمك فأخذته ومضت به إلى أبيك , فشنّعت عليها وألقت بينها وبين أبيك وبين أمها
شراً كنا فيه شهوراً , إلى أن انتهى الأمر إلى أن طالبك أبوك بتطليق زوجتك , أو الانتقال عنه , وان يهجرك طول
عمره , وبذل لك وزن الصداق من ماله , فأطعت أبويك , وطلقت المرأة , ووزن أبوك الصداق , ولحقك غم شديد وبكاء
وامتناع عن الطعام , فجاءتك أمك وقالت لك : لم تغتم على هذه السافلة ؟ أنا أهب لك جاريتي المغنية, وهي أحسن
منها , وهي بكر وصالحة وتلك ثيب فاجرة , وأجلوها عليك كما يفعل بالحرائر , وأجهزها من مالي ومال أبيك بأحسن
من الجهاز الذي انتقل إليك . فلما سمعت ذلك زال غمك , وأجبتها فوافقت على ذلك , وأصلحت الجهاز وصاغت الحلي
عليك وأولدتها أولادك هؤلاء , وهي الآن قعيدة بيتك ............
فهذا باب واحد مما أعرفه عن أمك . وباب آخر , وبدأت تحدث . فقال : حسبي حسبي , اقطعي , لا تقولي شيئاً , لعن
الله تلك المرأة ولا رحمها , ولعنك معها , وقام يستغفر الله ويبكي ويقول : خرب والله بيتي واحتجت إلى مفارقة أم
أولادي .